كوارث العثمانيين في تاريخ العرب والمسلمين

تذكير بالحصاد العثماني في العالم العربي


 

 

بقلم عوني فرسخ

21  12  2012

صرح الرئيس التركي عبدالله غول مؤخراً، بأن تركمان سوريا جزء من الأمة التركية، في تجاهل متعمّد لكونهم من بعض النسيج الاجتماعي السوري، ما يعدّ تأكيداً للمطامع التركية في سوريا خاصة والمشرق العربي عامة . ولما كانت الأغلبية في أوساط الجماعات العربية رافعة الشعارات الإسلاموية ماانفكت تحن إلى أيام “الخلافة العثمانية” متجاهلة أن الإمبراطورية العثمانية كانت خلال القرنين الأخيرين من حياتها تعرف بأنها “رجل أوروبا المريض” . وأن بريطانيا وفرنسا وروسيا والنمسا وبروسيا شكلت “الإجماع الأوروبي” الذي منع محمد علي من إسقاط النظام العثماني تحسباً من إقامته إمبراطورية عربية عصرية على أنقاضه تكون أشد خطورة على المصالح الاستعمارية في حوض البحر الأبيض المتوسط . ما يستدعي وقفة لتذكير الحالمين بالترياق العثماني ببعض الحصاد المر الذي خلفه العثمانيون في الوطن العربي مذكرين بالآتي:

1- في العام 1516 اقتحمت الجيوش العثمانية بقيادة السلطان سليم الأول شمالي سوريا فهزمت المماليك بقيادة قانصوه الغوري في معركة “مرج دابق” قرب حلب . وفي السنة التالية احتل العثمانيون القاهرة ليبدأ العهد العثماني الذي شمل أغلبية الوطن العربي . والعهد العثماني مختلف نوعياً عن دولة المماليك بكونه أقام سيطرة نظام أجنبي عاصمته خارج الأرض العربية ولغته وقيمه وأنماط سلوكه غير عربية . وعلى مدى أربعة قرون سخر النظام العثماني قدرات العرب الخاضعين لسلطانه لمصلحة شعبه، خلافاً للمماليك الذين كانت المقدرات العربية في زمانهم توظف في الأرض العربية .

2- طور العثمانيون “نظام الملل” المملوكي بإعطائهم القيادات الروحية المسيحية واليهودية سلطة إدارة شؤون أتباعها . ومع توالي تدهور فعالية السلطة المركزية العثمانية في اسطنبول وسلطات ممثليها الأتراك في الولايات العربية، تزايدت أدوار وفعالية البطاركة والحاخاميين . ويذهب الباحثون ومؤرخو العهد العثماني إلى أن النظام الطائفي في المشرق العربي تأسس وتوطد في ظل العثمانيين .

3- كان السلطان سليمان القانوني قد منح ملك فرنسا فرنسوا الأول امتياز “حماية” المسيحيين في الإمبراطورية العثمانية . ولقد توسعت “الامتيازات” وتطورت من بعده لتشمل حماية اليهود، ما كان مدخلاً إلى الاختراقات الأوروبية للولايات العثمانية، خاصة العربية منها . كما فسح مجالاً تزايد اتساعاً، للإرساليات التبشيرية الكاثوليكية والبروتستانتية في محاولة اكتساب أتباع جدد على حساب الكنائس الشرقية العربية، الأمر الذي أذكى الصراعات الكنسية في المشرق العربي وأشاع التعصب الطائفي في أوساط المسيحيين العرب . ولقد توزعت الدول الأوروبية “حماية” الطوائف العربية، إذ اختصت فرنسا والنمسا بالكاثوليك، وروسيا بالأرثوذكس، وبريطانيا بالبروتستانت واليهود .

4- عملت طلائع الاستعمار الأوروبي مع إرساليات التبشير بتنسيق تام، وعلى نحو متكامل مع الصيارفة والتجار الأوروبيين وسماسرتهم ووكلائهم المحليين الذين شملتهم “الحماية” . وبتمويل من الكنائس والسفارات والغرف التجارية الأوروبية حقق قطاع متزايد من المواطنين غير المسلمين مكاسب مادية ومراكز اجتماعية . واعتباراً من الربع الأخير للقرن السابع عشر شملت الامتيازات مزيجاً من “الحقوق” السياسية والدينية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية . فيما سمح للإرساليات والطوائف أن تقيم مدارسها الخاصة، ما كان له تأثير شديد السلبية في تماثل ثقافة وقيم وأنماط وسلوك الأجيال العربية الجديدة .

5- كانت المشاعر العنصرية والطائفية هي الغالبة في أوساط المرسلين والمبشرين الأوروبيين، وكان شائعاً لديهم تصورهم أن المذاهب التي ينتسبون إليها متفوقة على غيرها من الأديان والعقائد والمذاهب، مع الادعاء بتفوق أوروبا بشراً ولغات وثقافات وقيماً وأنماط سلوك . وقد أشاعوا هذا الشعور بالتفوق بين أبناء طوائفهم على بقية مواطنيهم، ما رسب عند قطاع غير يسير من المسيحيين العرب شعور بالنقص تجاه الغرب الاستعماري وتمايز عن المحيط العربي الإسلامي .

6- لقد كُلّف المسلمون العرب الخدمة العسكرية، أو دفع البدل العسكري، بحيث قضت أجيال من شبابهم زهرات عمرها، بل ودفعت حياتها في الحروب العثمانية خارج الوطن العربي أو في قمع الثورات العربية، فضلاً عن إلزامهم دفع الضرائب . ولقد تسببت الخدمة العسكرية والتعسف في فرض الضرائب وجبايتها بتراجع مراكز المسلمين العرب الاقتصادية ومواقعهم الاجتماعية، بحيث غلب عليهم الفقر والجهل والتخلف عن العصر .

7- تسببت التبعية السياسية والتخلف الاقتصادي في إطراد التخلف الاجتماعي والجمود الفكري وتراجع مختلف نواحي الحياة العقلية . وعن ذلك انعكاس السلبي على الإسلام والمسلمين كتب العلامة محمد الغزالي في كتاب- تراثنا الفكري في ميزان الشرع والعقل- يقول: “صحيح أن الأتراك رفعوا راية الخلافة واستطاعوا في زحف باهر أن يخترقوا مشرق أوروبا حتى النمسا، لكنهم كانوا قوة عسكرية ولم يكونوا فجراً ثقافياً جديداً، فكان التوسع الإسلامي خالياً من بذور الحضارة الأولى ومن أسباب الحياة الصحيحة، فسرعان ما انهار وانهار العالم الإسلامي بعده وأصبح أثراً بعد عين .

8- غير دقيق القول إن العثمانيين حالوا دون سيطرة قوى الاستعمار الأوروبي على الوطن العربي . ذلك بأن كلاً من المملكة المغربية وسلطنة عمان تمكنت بقواها الذاتية من صد هجمات طلائع الاستعمار الأوروبي دون مساعدة العثمانيين لهم في جهادهم، فيما احتلت كل من الجزائر وتونس ومصر وليبيا وجنوبي اليمن وهي تابعة للإمبراطورية العثمانية . فضلاً عن تغلغل النفوذ الاقتصادي والثقافي الأوروبي في بقية الوطن العربي خلال القرنين الأخيرين من العهد العثماني .

9- كان فكتور سحاب قد انتهى في كتابه “من يحمي المسيحيين العرب” إلى القول، وهو المحق، إن غزو الفرنجة المعروف تجاوزاً بالحروب الصليبية، كان وبالاً على المسيحيين العرب من حيث صور أنه جاء لحمايتهم، وأنه في ضوء القراءة الموضوعية لما شهده المجتمع العربي خلال العهد العثماني ليس من المغالاة في شيء القول إنه كان وبالاً على العرب عامة، والمسلمين منهم خاصة، خلافاً لما يتصوره الحالمون بعودة الخلافة العثمانية على يدي عبدالله غول ورئيس وزرائه رجب طيب أردوغان .

ولكل من يشك في صحة هذا القول أن يعقد مقارنة بين ما كانت عليه حال كل من القاهرة ودمشق وحلب وبغداد والقدس من تفوق حضاري وتوافر الحقوق المدنية والدينية لغير المسلمين عندما بدأ العهد العثماني سنة 1517 وبين ما كانت عليه أحوال كل من لندن وباريس وروما وفيينا ومدريد يومذاك . ثم يقارن ما انتهت إليه العواصم الأوروبية الخمس ونظيراتها العربيات عند نهاية العهد العثماني في بلاد الشام والعراق سنة 1918 ليرى مقدار مرارة الحصاد الذي خلفه العثمانيون في الوطن العربي .

تعليق واحد

  1. هذاك

    يا ” السي جلول ” دوّر الـهـدرة كما تحب، الحصيلة المتحصّلة هي أنه لولا الدولة العثمانية لما بقي اليوم شيء اسمه إسلام و لا عرب. لولا خير الدين و عروج لكان أغلب الجزائريين اليوم اسمهم “خيسوس” و “مارتيناس” و بما أنهم فخورون بأسماء “محمد” و “عبد القادر” فلله الحمد و المنة أن بعث إلينا “الغزات” العثمانيين. … اللهم لك الحمد! اللهم لك الحمد! اللهم لك الحمد!

    • faysaljalloul

      اخي العزيز ” هذاك” كنت احب ان تذكر اسمك كاملا لنتعرف عليك فليس لديك ما تخشاه في نقاش تدافع فيه بحرية تامة عن قناعتك واود ان الفت انتباهك الى انني لست كاتب المقال الكاتب هو الاستاذ عوني فرسخ وانا استضفت هذا المقال في مدونتي ما يعني انني موافق عليه لكونه جديرا بالنقاش وحسنا فعلت انك ادليت برايك النقطة الثانية بسيطة وهي لغوية انت تقول “الغزات” والصحيح هو “الغزاة” ربما ما تقول صحيحا بالنسبة لمرحلة ما بعد سقوط غرناطة وهم حقا لعبوا دورا جيدا في الجزائر في تلك الفترة وهذا اضعف الايمان فهم مسلمون ويحملون لواء الخلافة و70 بالمئة من المجندين عندهم من العرب المسلمين ويجب الا ننسى ايضا انهم خذلوا غرناطة واهلها فصارت احوال المسلمين في الاندلس اثرا بعد عين . وانهمر الصليبيون عليكم في المغرب الكبير ….. ولو انتبهت اخي العزيز الى ما يقول الكاتب بدقة لربما لاحظت انه يتحدث عن القرنين الاخيرين من عمر السلطنة العثمانية ما يعني انه لا يغفل الحقيقة التي تشير اليها او فلنقل يعترف بها ضمنا.. تبقى الاشارة الى ان العثمانيين الذين انقذوا الجزائر من الاحتلال الاسباني جعلوها تسقط في قبضة الاحتلال الفرنسي ثم انهم الغوا خلافة الرسول الاسلامية التي لم يجرؤ احد على الغائها منذ ظهور الاسلام … هذه ليست “هدرة” عشوائية هذه وقائع اخي العزيز وعندما تبرز الوقائع لا يمكننا ان نلوي عنقها ….. واشكرك على مداخلتك واسمح لنفسي باضافة تعليق على المقال كتبته بالفرنسية احدى صديقاتي الجزائريات على فيس بوك واسمها سندس لينا
      DR vous etes un AS wallah c’est un sujet qui me tiens beaucoup a coeur les ottomane ont occupé l’Algerie pendant 3 ciecle 1530 A 1830 PUIS ILS ONT FAIT une transaction avec les francais et ils ont vendu l’Algerie au francais bref: ce que je veux dire que le colonialisme ottomane c’est le pire du colonialisme pendant 3 ciecle ils n’ont pas laissé aucune richesse a l’algerie apart les forts dans chaque ville qui les protegés ,et surtout pour les impots apres une etude faite les algeriens n’ont pas jOuie de la civilisation ottomane meme pas du simple largo aucun algerien ne connais un seule mot turk , ils ont travaillés pour leurs interet purement leurs interet.il suffit qu’ils veulent etres la queu de l’europ et pas la tete des ARABE moi je dis avec beacoup de modestie LA NOTORIETé NE S’ACHETE PAS

      • ماجد

        يا مرحبا بهذا الغزو التي جاء ليبني المساجد ألم تعلموا بأن الدولة العثمانية كانت تتولى حماية مسلمي العالم ألم تعلموا بأنهم هم من دافع الصفويين للتقدم للوطن العربي و البرتغال من احتلال الخليج و الأراضي المقدسة ….
        انا أفتخر بالدولة العثمانية و هي ليست إحتلال و لا غزوا كما كانوا بغزوا لنا أفكارنا في مدارسنا الأبية التي تسحق الإبداع و تشوه التاريخ ..
        إنما هي فتوحات إسلامية عظيمة .
        وهل تعلم ياسيدي أن السيد قانصوه خان الجند و ذهب فارا من معركة مرج دابق .

    • لله وللتاريخ

      كل من يدافع عن هذه الدولة يعاني إما من عقدة إضطهاد أو من عقدة عبودية.
      من ذا الذي يرحب بالمحتل الغازي لبلده سوى خائن عميل من الممكن وفي وقتنا هذا أن يبيع بلاده لأي مدعي للاسلام
      من ذا الذي يجرؤ على القول أنه لولا الأتراك لما بقي للاسلام وجود؟!!! هذه كلام كفر بواح، هل اتطلعتم على الغيب؟! أم تظنون الاسلام من الممكن ان يندثر وهو آخر الرسالات والدين الحق؟!!
      العثمانيون كانوا دولة احتلال بغيض دمرت الاسلام وشوهته وادخلت عليه من الشركيات الكثير، ولم يعرف العرب عبادة القبور والطواف حولها إلا على يد العثمانيين الغزاة

      تذكروا مرج دابق وتذكروا اجدادكم العرب الذين تم سفك دمائهم على يد الاتراك الغزاة … لربما يستيقظ ما تبقى في نفوسكم من عزة وكرامة (إن وجد)، وتذكروا أمجاد اجدادكم العرب الذين خصهم الله بالخلافة والامامة بنص الاحاديث النبوية دون غيرهم وكان منهم اشرف الخلق عليه الصلاة والسلام والقرءان الكريم بلغتهم.

      انصحكم بالعلاج من عقدة الاضطهاد وعقدة العبودية ثم تعالوا اقرؤا التاريخ العثماني الحقير مرة اخرى

      ألا لعنة الله على القوم الكاذبين

  2. hisam

    يا بجم :) الخلافة العثمانية ومن قبلها الاموية في الشام والاندلس ومن بعدها العباسية : لم يكونو ألا طغاة مستعمرين : يجتاحون الامم بسايك الفتح الاسلامي : ةالحقيقة من اجل التوسع وكسب المزيد من الغنائم والسبايا ::: ارجع لكل خليفة من الحقب اللي ذكرتها ورح تلاقي قصورهم اوكار للدعارة ولاغتصاب الجواري : لدرجة ان خلفاء العثمانيين وقبلهم العباسيين كل خليفة يملك الالا من ملكات اليمين :) ما عم هاجم الاسلام ابدا :: بس مو كل كللب قال انا خليفة صار مقدس :) الخلفاء الراشديين بالاضافة لعمر بن عبد العزيز :: والباقيين عبارة عن شلة قوادة ما همهم غير التعريص مع الجواري اللي بتملي قصورهم من حروبهم الفتحوية :) والغنائم التي لا تعد ولا تحصى :: قال خلفاء قال ههههههههههههه

  3. lpl]

    اسئل عن معركه وادي المخازن التي دعم بها العثمانيون المغاربه وعن الدعم المقدم للثوار العمانيين في عمان …. يكفيكم كذبا على العثمانيين

  4. سارّه..

    كان السلطان سليمان القانوني قد منح ملك فرنسا فرنسوا الأول امتياز “حماية” المسيحيين في الإمبراطورية العثمانية!!!
    اعتقد ان كاتب المقال قد اخذ رؤيته التاريخيه من مسلسل حريم السلطان لامن كتب المؤرخين الموثوقه ..
    سليمان القانوني كان ذا هيبه عظيمه في اوروبا وهذا شئ لاننكره وقد لقبوه بسليمان العظيم ليس لأنه منح امتيازات وتلك الهرطقه التي ذكرها صاحب المقال.. لقد مات وجيوشه المجاهده على حدود فيينا .. تنشر الاسلام وتوسع رقعة الدولة الاسلاميه .. كفاكم افتراءاّ على دولة الخلافه الاسلاميه العثمانيه وخلفائها .. لقد كانو خلفاء وبشر ولم يكونو انبياء.. وبدلاّ من نبش اخطاء الموتى بل والاسوأ الافتراء عليهم انتقدو الاحياء من الحكام الجائرين والموالين حقاّ للغرب.. لو كنتم صادقين ..

  5. طارق

    الاخوان المفلسين هما من يدافعون عن الدولة العثمانية الفبورية الشركية .يكذبون كما بتنفسون الاخوان والعقمانيين كلاب

أضف تعليق